تقديم
يعاني معظم الطلاب في كثير من الأحيان من فهم القواعد النحوية بشكل خاص والقواعد عامة وتتمثل في الإملائية الأساليب الصرفية.
وفي غالب الأحيان تجد الطلاب ينفرون من دراسة اللغة العربية بالجملة وعندما تسألهم عن سبب ذلك تجد الإجابة الحاضرة بقوة هي : بسبب النحو والقواعد .
وإذا دققت النظر في الأسباب الجوهرية لكراهية الطلاب لقواعد النحو ودراستها نجدها متأصلة في السنوات الأولى لعمر الطفل ، إذ تجده منذ النشأة إما محبا للعربية عاشقا لها بارعا في الكتابة قارئا مجيدا ومتحدثا لبقا ، أو يكون متلعثما - في الغالب- في قراءته وحديثه ، متعثرا في التعبير عن ذاته وأحواله والتعبير عن نفسه سواء كتابيا أو شفهيا ، ولذا يخطئ الكثير ممن يلقون باللوم على المعلم والمدرسة وحدها بالتسبب في هذه الظاهرة !!!
وفي مقالتنا هذه نتحدث عن أهم الأسباب الجوهرية المؤثرة على قدرات الطلاب لفهم القواعد بشكل عام والقواعد النحوية بصورة خاصة ، وإذا أردت مقارنة [ نتائج الأبحاث العلمية ] بواقع الحال في المدارس على طلابها
تجد أنها تكمن في واحدة من هذه النقاط الثلاثة:
المنهج الدراسي ومدى تطوره لمناسبة أدوات التعليم الحديثة
فكثير من مناهج التعليم في البلدان العربية تعاني عقما رهيبا في تيسير القواعد النحوية وتبسيطها للتلاميذ خاصة في مراحل التعليم الأساسي حيث تجد المناهج الدراسية لا تراعي الفروق الفردية ولا تهتم بواقع الحال لطلاب ندر أن يتحدثوا العربية في حياتهم اليومية ، وصارت العامية هي لغتهم الإصلية وليست الفصحى ..
وعليه وجب على المؤسسات العلمية والتربوية أن تسعى إلى تطوير أسسها في وضع المناهج والمقررات الدراسية بأسلوب يعتمد على النظريات الحديثة في التعيم والتعلم.
كما ينبغي أيضا مراعاة ربط القواعد النحوية الجافة وتحويلها لأنشطة تربوية هادفة متنوعة(سمعية ، بصرية ) مثل مسرحة المناهج ، وتوفير المواد التي تحتاجها هذه المقررات الدراسية في المؤسسات التعليمية.
المعلم ومدى تمرسه على التدريس الحديث
إذ إن المعلم يقع عليه العبء الأكبر في تنفيذ ما تم وضعه في المناهج الدراسية ، وإذا لم يسع إلى تحقيقها فقط تحول هذا المجهود الجبار إلى غبار لا يساوي قيمة ما بذل فيه من وقت وجهد ومال.فالمعلم لابد أن يكون مؤهلا بشكل يمكنه من تحقيق تلك الأهداف الموضوعة ويقع هذا العبء على كليات التربية وعلى المؤسسات التي يعمل بها المعلم ، والتي تساعده على تطويره وتنيمة مهاراته في التواصل كما أن هذا العبء لا ينفصل عن المعلم نفسه بأي حال، إذ على المعلم نفسه أن يسعى إلى تطوير ذاته لكي يكون لائقا بحمل تللك الرسالة العظيمة ومدركا قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ، إذ أن الطالب الذي يعلمه القواعد في الأساس سيطبقها عمليا في مراحل حياته التالية وقراءته للقرآن الكريم ، وله في ذلك الأجر الجزيل لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((خيركم من تعلم العلم وعلمه ))
فالمعلم رسول العلم
رابط لـ دور المعلم ومكانته في الإسلام
البيئة العربية المحيطة
فلا يمكننا أن نفصل واقع تعليم القواعد العربية بشكل منفصل عن تأثير البيئة المحيطة ، وبالنظر للتاريخ نجد أن العربي البدوي الذي عاش في الصحراء كان ناطقا بالفصحى دون أن يتعلمها من معلم على هيئة قواعد تدرس ، فالمعلوم أن القواعد النحوية والصرفية لم توضع كعلم منفصل توضع له المؤلفات والكتب إلا بعد انتشار الإسلام في ربوع الجزيرة العربية ودخول غير العرب في الإسلام ورغبتهم في تعلم اللغة وقراءة القرآن فلحنوا فيه ، مما ألجأ إلى حاجة العرب إلى تقعيد اللغة لتيسير تعلمه......راجع تاريخ وضع القواعد النحوية في عهد علي بن أبي طالب
من هنا نجزم بأن البيئة المحيطة بالأطفال قربا وبعدا من تحدثها بالفصحى له أثره البالغ في تعلم القواعد وعليه ننصح أولياء الأمور بالحرص على تشجيع أبنائهم على التحدث بالفصحى في المنزل على الأقل ، وألا يجعلوهم موضع السخرية من غيرهم ، كما أنه ينبغي على المجتمع بكامل مؤسساته دعم اللغة العربية والتحدث بها ونشر تلك الفضيلة بين أطياف المجتمع.
يرجى الاطلاع على دور المجتمع في تشجيع أفراده على التحدث بالفصحى
إن اللغة العربية محفوظة بوعد الله في كتابه العزيز (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ، وواجب على الجميع العمل على تيسير تعلمها.
ولا يتأتى تحقيق هذا الهدف بدون تبسيط تعلم القواعد بتحويلها من قواعد جافة إلى واقع يعيشه طلابنا في حياتهم اليومية في البيت ، والشارع ، والنادي الرياضي والأماكن الترفيهية والمسجد ، وبالتأكيد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمدرسة دون أن يشعر بالخجل من التحدث بها أمام الآخرين ، ولا مانع لدي من التحدث باللغات الأخرى ببعض المصطلحات أيضا لمن يتعلمون لغة أخرى لحاجة العمل أو لظروف البيئة المحيطة به.
اقرأ أيضا " صعوبات تعلم اللغة العربية لأبناء العرب المغتربين في بلاد العجم واختلاط ألسنتهم بلغات تلك البلاد "
بقلم : علاء الزهيري
تعليقات: 0
إرسال تعليق